حياة عميد المنبر الحسيني
الحلقة الثالثة / نشأة الشيخ الوائلي ودراسته
إعداد وتحقيق: وائل علي الطائي #مؤسسة_الشيخ_الوائلي
أحد مشاريع توثيق الإرث الفكري لعميد المنبر الحسيني
نشأته :
نشأ الشيخ الوائلي وترعرع في مدينته النجف الاشرف مع شقائق النعمان التي تطل على ذلك الوادي الافيح وعاش في ظل اسرته طفولة مرفهة ما تزال صورها في مخيلته حية في ذاكرته مائلة في ذهنه بما يحدثنا نفسه عن ذلك فاسمع قوله:
سل الطفولة هل مرّ الزمان على … ألذ منها ومن أيامها الأول
عدنا إلى الرمل نبني منه اروقة … ونصنع الطين من خيل الى إبل
وقد يمر شجار ثم يعقبه …. صلح وما ثم من غل ولا دغل
يا للطفولة نوّار واخيلة …. مزوقات وطهر غير مفتعل
ونشأ على أيدي ابويه نشاة فاضلة، كان فيها عزيز الجانب، موفور الكرامة، شديد الاعتداد بشخصيته، قوي الأمل بمستقبله، متفوقا على اقرانه، مع نباهة وذكاء حادين، وللحاضرة النجفية اثر كبير في نبوغه، كونه خريج مدرستها الكبرى، التي هي اقدم مدرسة للادب العربي، تلك المدرسة التي مشى إليها الموكب من جزيرة العرب إلى الحيرة، ومنها الى الكوفة، ومنها الى النجف، وهي نسيلة الكوفة او بقيتها، وما برحت النجف مورد اعتزاز الوائلي وفخره :
نجفي يا خميلة في الفيافي …. وربيعاً يهتز وسط محول
وتراباً معتبرا لست ارضى ….. عن حصاه نجم السما ببديل
يامغاني العلا ويا مهبط الـ… فكر ومحراب نابغات العقول
يا مهادي الوثير يوم قدومي ….. ووساداً ارجوه يوم رحيلي
نام فيه ابي وشيخي واخواني …. جميعا في ظل حامي الدخيل
دراسته:
وفي السابعة من عمره درس لدى الكتاتيب وحفظ القرآن الكريم، وكان ذلك في مسجد الشيخ علي نواية في سفح جبل الطمّة من محلة العمارة، وكان شيخه انذاك الشيخ عبد الكريم قفطان، وبعد تعلمه القراءة والكتابة، وقراءة القرآن الكريم، وبعدما صلب عوده واشتد ساعده، بدأ دراسته بشكليها الاكاديمي الرسمي، والحوزوي الذي يعتمد على قدرة الانسان ونبوغه ومقدرته العقلية، فجمع بذلك الفضيلتين، واستفاد من التجربتين، ففي الاولى انهى الدراسة الابتدائية بمدرسة الملك غازي الابتدائية في النجف سنة 1952، ثم دخل متوسطة منتدى النشر، فكلية منتدى النشر، وتخرج منها بتفوق ومن اقرانه في هذه المرحلة السادة: صادق القاموسي، ومحمد حسن آل ياسين، ومحمد رضا المسقطي، واحمد المظفر.
ولما تأسست كلية الفقه سنة 1958 انتسب اليها، وتخرج سنة 1962 بحصوله على بكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الاسلامية، ثم اكمل الماجستير في نفس الاختصاص في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة بغداد، وكانت رسالته بعنوان (احكام السجون) ثم غادر الى جمهورية مصر العربية، حيث درس في كلية دار العلوم – جامعة القاهرة، ونال درجة الدكتوراه سنة 1978 عن اطروحته الموسومة “استغلال الأجير وموقف الاسلام منه”.
وخلال وجوده في القاهرة لاعداد اطروحة الدكتوراه درس الاقتصاد في معهد الدراسات العليا التابع لجامعة الدول العربية، ومن اساتذته في هذا الاختصاص كان الدكتور علي لطفي – رئيس الوزراء المصري فيما بعد – يعلق عليه الامال الكبيرة.
وفي مصر حظي الوائلي باهتمام الفئات المثقفة من العلماء والادباء، لسعة ثقافته وخلقه السامي واجتماعياتهن ومن بين الاعلام الذين استأثر باهتمامهم الدكاترة والاساتذة: احمد الحوفي، وعبد الحكيم بلبع، وتمام حسان، ومصطفى زيد، ومحمد علي السايس، وعبد العظيم معاني، وبدوي طبانه، وعلي الخفيف، وغيرهم.
ولمصر في ذاكرة – الوائلي – أيام لا تنسى من الجهاد العلمي، واللقاءات الادبية المثمرة، وما يتبع ذلك من تبادل في الخبرات وتلاقح في الافكار، وعلى حد تعبيره فإن مصر هي لسان الضاد المعبر، ومنبعها الثر، ووجه العرب المشرق:
ومصر كفاءات وحشد مواهب …. بكل مجال رائع عندما جدر
ومصر من الفصحى لسان معبر …. ومن غرر الافكار مبعها الثر
ومهد حضارات تصدى قديمها …. إلى حدثان الدهر فانهزم الدهر
ونضرها الاسلام فهي لوامع …. تموَّج في أبعادها النور والنور
ومصر وارض الرافدين نوائم …. ومما توأم إلا لتوأمه شطر
يشدهما عمق الحضارة موثلاً …. وينميهما للمجد من يعرب نجر
ومن فوق هذا شرعة الله وحدت …… مسارهما فاستلحم الشفع والوتر
يتبع .. الحلقة الثالثة : عصر الشيخ الوائلي