سيرة الشهيد كاظم الوائلي 1949 – 1980
ابن شقيقة الشيخ الوائلي وأكبر شهداء أسرته
تحقيق: وائل علي الطائي #مؤسسة_الشيخ_الوائلي
نَسَبُه:
هو الشهيد كاظم بن المرحوم عبد الائمة بن الشيخ عيدان الليثي الوائلي العنزي الكناني.
الإبن الاكبر للشقيقة الصغرى للخطيب الدكتور الشيخ أحمد الوائلي (1928 – 2003). والدته هي خادمة أهل البيت المرحومة الحاجة ام كاظم الوائلي (1930 – 2005).
وهو الابن الأكبر لوالده المرحوم الحاج عبد الأئمة بن الشيخ عيدان بن مهدي آل حرج الليثي الوائلي، أحد أبناء عمومة الشيخ الوائلي.
والفقيد هو الشقيق الأكبر للأديب القاص محمد الوائلي ، عضو اتحاد الأدباء والكتاب الحالي.
ولادته ونشأته:
ولد في قضاء الحيرة بمدينة النجف الأشرف عام 1949م . ونشأ ودرس في مدارس مدينة النجف الابتدائية والثانوية.
ثم توجه إلى ثغر العراق وعاصمته الاقتصادية مدينة البصرة قاصداً جامعتها العريقة (ثالث الجامعات العراقية من بعد جامعتي بغداد والمستنصرية والمتأسسة عام 1964) ليُقبل في كلية الآداب ويَدرس فيها ويتخرّج منها حاصلاً على شهادة البكالوريوس الجامعي في التأريخ عام 1977.
عمل مُدرّساً لمواد الاجتماعيات ولمادة التأريخ في مُتوسطة الامام الصادق (ع) في البصرة ، ثم انتقل الى مدينة النجف الأشرف عام 1978 ليُدرّس في متوسطة الانتصار في قضاء المشخاب ، ثم انتقل في العام 1979 للتدريس في مدرسة الخورنق الاعدادية إلى آخر حياته.
نشاطه وفِكره:
بالنظر لضلوع الفقيد في دراسة تخصص التأريخ ومُضيّه في ترسيخ معالمه المتعلقة بحقوق الشعوب وتواريخ نهضاتها وثوراتها، كان للفقيد اهتمامات مع طليعةٍ من شباب الفكر والعقيدة في النجف الأشرف ممن يَحلُمون بأن يكون لبلدهم العراق تأريخاً مُعاصراً تُحفظ فيه كرامة الشعب وتُحترم حُرياته وتُصان حقوقه وينعُم أهلُه بخيراته، آملاً بتخليصه من ظُلم السُلطات الحاكمة المتوالية على حكمه وتعسفها وفسادها منذ الستينيات والسبعينيات.
فبعد اشتداد سطوة حزب البعث في منتصف السبعينيات وحملات التضييق والاعتقالات بحق العلماء والمثقفين والمُفكرين المُناهضين لحكم السلطة، مع جرائم الكورد، ومع جرائم التسفيرات بحق العوائل الفيلية والنجفية ، لم يبقَ الشهيد ساكناً ومتفرجاَ، فانتمى سِراَ مع مجموعةِ من رفاقه النجفيين لحركةٍ تربويةٍ طُلابيةٍ مناهضةٍ لحكم البعث عُرفت بالشباب الرسالي وحُسبت لاحقاً بشكلٍ غير رسمي على تنظيمات الأحزاب الإسلامية، اضطلع رحمه الله بالدور التوعوي التثقيفي فيها، حيث بدأ بنشاطاتٍ تثقيفيةٍ تعبويةٍ في صُفوف عددٍ من زملائه المعلمين وعددٍ من الطلبة الجامعيين ، وعددٍ من المعارف في مدينة النجف ، ليتطور نشاطه الحركي إلى خطواتٍ تنظيميةٍ تستهدف الثورة على حكم البعث الحاكم وجلاوزته ومؤسساته، من قبيل:
– إعداد وتنفيذ محاضرات للتعاليم والأحكام الشرعية الأساسية.
– الشروع في حملات لتثقيف الأوساط الشبابية بضرورة مناهضة ظُلم السُلطة وتعسفها.
– التخطيط والتنفيذ لتظاهرات رفض السلطة في ليالي عاشوراء والمحرم وصفر ورمضان، في مدينتي كربلاء والنجف.
– مناهضة أوامر السلطة بمنع تشييع الشهداء المعدومين إثر النشاط الحركي، وتشييعهم بشكل مهيب.
وقد كان للفقيد عدداً من الكتابات تتضمن أمالي وتقريرات لكتابي فلسفتنا واقتصادنا للمفكر الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر (1980 – 1935)، كما وله كتاباتٌ في الفكر الرسالي وفي مسيرة الاصلاح الثوري.
جميع هذه النشاطات وغيرها ضاقت بها السلطة ذرعاً فعمدت إلى كشف خلية الشهيد ومن بمعيته وهم كلٌ من: الشهيد صاحب مهدي النويني، والشهيد كاظم الصاحب، ممّن عُرفوا لاحقاً بقبضة شباب المشخاب. فتم اعتقالهم أواخر عام 1979 من بعد تظاهرةٍ شبابيةٍ في ليلة رمضانية في النجف.
ظروف اعتقاله:
وقد ضيقت السلطة الخناق على عائلة الشهيد كاظم، وبالخصوص أسرة خاله الخطيب الشيخ الوائلي، مبتدئةً باعتقال نجل الشيخ الكبير الشهيد محمد حسين الوائلي (1955 – 1983) واعدامه لاحقاً، ومن ثم اضطهاد شقيقه الأكبر المرحوم الحاج سمير الوائلي (1954 – 1999) وخروجه الى خارج العراق هرباً من بطشهم، وانتهاءً بملاحقة السلطة واضطهادها لعميد المنبر الحسيني ولمشروعه الاصلاحي للمنبر الحسيني بتوجيهٍ وارشادٍ من أستاذه الشهيد المفكر آية الله السيد محمد باقر الصدر، متسببةً في خروجه من العراق بَراً عَبر الكويت وتوجهه إلى بلاد الغُربة.
مُحاكمته واعدامه:
حُوكم الفقيد بتهمة الانتماء لاحزابٍ مناهضةٍ لمسيرة الحزب والثورة! فصدر بحقه الحكم بالاعدام شنقاً في مطلع العام 1980 ، كأول وأكبر شهداء أسرة الشيخ الوائلي. وقد غُيب خبر حياته من مماته عن أسرته طيلة (23) عام، ليتبين بعد سقوط النظام البائد وتحديداً في آيار 2003 مصير الشهيد كاظم، حيث عُثر على وثائقٍ في ملفات مديرية الأمن العام، تُشير إلى مقتبس حُكمٍ يظهر فيه اسمه الكامل، يقضي بجريمة الحكم عليه بالإعدام شنقاً ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة بمعية عددٍ من أقرانه عام 1980 ، لينال ابن الـ (29) ربيعٍ شرف الشهادة، بلا جُثةٍ ومدفنٍ معلومٍ لنعرف قبره فنزوره ، وبلا زواجٍ ولا ذريةٍ تحفظه وتحمل اسمه ..
مُكلّلاً بطولته وشجاعته لسنواتٍ في مناهضة ظلم جلاوزةٍ تعدّوا على حُرمات أسرته وأهاليه وشعبه ..
الختام ..
في ختام استعراض سيرة هذا الداعية الثائر البطل من أسرة الشيخ الوائلي، وتزامناً مع ما يمر به بلدُنا من ظلم واضطهاد وجور وفساد، لابد لقارئي المقال من الأجيال الحالية واللاحقة من أسرته ومعارفه ومحبيه، لابد لكم من استجلاء العبر والدروس الحية من شجاعته وصرامته وفدائيته وتحمله للأذى والتضييق هو وأسرته وعائلته الكبرى، وبذله للغالي والنفيس في سبيل الوقوف أمام الظلم والجور والتوثّب إلى البدء بخطوات للتأسيس للعيش بكرامة وحرية وعدالة ينعم بها الوطن وشعبه ، فتكون العُقبى للثائرين المتقين ، والخزي والذل واللعنات للجلاوزة الظالمين ..
رحم الله الخال البطل كاظم الوائلي ، والرحمة والخلود لأرواح شهداء البلاد.
فجر الجُمعة 8 رمضان 1441 الموافق 2020/05/01 ..
المصادر:
– وثائق وزارة المالية العراقية. الدائرة القانونية. قسم مصادرة الأموال. للعام 1980.
– وثائق مؤسسة الشهداء العراقية.
– أوراق ومذكرات الدعوة الاسلامية.
– تحقيقات ولقاءات أسرة الشهيد.